سورة سبأ - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (سبأ)


        


{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36)}
وقد أبطل الله تعالى حسبانهم بأنّ الرزق فضل من الله يقسمه كما يشاء على حسب ما يراه من المصالح، فربما وسع على العاصي وضيق على المطيع، وربما عكس، وربما وسع عليهما وضيق عليهما، فلا ينقاس عليه أمر الثواب الذي مبناه على الاستحقاق. وقدر الرزق: تضييقه. قال تعالى: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] وقرئ: {ويقدّر} بالتشديد والتخفيف.


{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38)}
أراد: وماجماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم بالتي تقربكم، وذلك أنّ الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء في حكم التأنيث، ويجوز أن يكون التي هي التقوى وهي المقربة عند الله زلفى وحدها، أي: ليست أموالكم بتلك الموضوعة للتقريب.
وقرأ الحسن: باللاتي تقرّبكم؛ لأنها جماعات. وقرئ: {بالذي يقرّبكم}، أي: بالشيء الذي يقرّبكم. والزلفى والزلفة: كالكربى والكربة، ومحلها النصب، أي: تقرّبكم قربة، كقوله تعالى: {أَنبَتَكُمْ مّنَ الأرض نَبَاتاً} [نوح: 17] {إِلاَّ مَنْ ءَامَنَ} استثناء من {كَمْ} في {تُقَرّبُكُمْ}، والمعنى: أنّ الأموال لا تقرب أحداً إلاّ المؤمن الصالح الذي ينفقها في سبيل الله، والأولاد لا تقرب أحداً إلا من علمهم الخير وفقههم في الدين ورشحهم للصلاح والطاعة، {جزآءالضعف} من إضافة المصدر إلى المفعول، أصله: فأولئك لهم أن يجازوا الضعف، ثم جزاء الضعف، ثم جزاء الضعف. ومعنى جزاء الضعف: أن تضاعف لهم حسناتهم، الواحدة عشراً. وقرئ: {جزاء الضعف}، على: فأولئك لهم الضعف جزاء وجزاء الضعف على: أن يجازوا الضعف، وجزاء الضعف مرفوعان: الضعف بدل من جزاء. وقرئ: {فِى الغرفات} بضم الراء وفتحها وسكونها. وفي الغرفة.


{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)}
{فَهُوَ يُخْلِفُهُ} فهو يعوّضه لا معوّض سواه: إما عاجلاً بالمال، أو القناعة التي هي كنز لا ينفد. وإما آجلاً بالثواب الذي كل خلف دونه.
وعن مجاهد: من كان عنده من هذا المال ما يقيمه فليقتصد، فإنّ الرزق مقسوم، ولعل ما قسم له قليل وهو ينفق نفقة الموسع عليه، فينفق جميع ما في يده ثم يبقى طول عمره في فقر، ولا يتأولنّ: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه، فإن هذا في الآخرة. ومعنى الآية: وما كان من خلف فهو منه {خَيْرُ الرازقين} وأعلاهم ربّ العزّة، بأن كل ما رزق غيره: من سلطان يرزق جنده، أو سيد يرزق عبده أو رجل يرزق عياله: فهو من رزق الله، أجراه على أيدي هؤلاء، وهو خالق الرزق وخالق الأسباب التي بها ينتفع المرزوق بالرزق.
وعن بعضهم: الحمد لله الذي أوجدني وجعلني ممن يشتهي؛ فكم من مشته لا يجد، وواجد لا يشتهي.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11